يا تجار الآخرة: ذلكم شهر رمضان المبارك
يا تجار ألأخرة
الاخوة والاخوات الكرام أبناء جالية مؤسسة المسجد .. أيام قلائل ونستقبل ضيفا كريما .. وشهرا مباركا .. تمتلىء أيامه بالصيام والخيرات والبركات .. ولياليه بالقيام وتلاوة القران وذكر الله تبارك وتعالى .. ذلكم شهر رمضان المبارك .. شهر الصيام .. شهر القران .. شهر القيام .. شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ..
لقد حبى الله سبحانه وتعالى هذه الامة عن سائر الامم من الخير العميم فقد رَوَى الإِمامُ أحمدُ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «أُعْطِيَتْ أمَّتِي خمسَ خِصَال في رمضانَ لم تُعْطهُنَّ أمَّةٌ من الأمَم قَبْلَها؛ خُلُوف فِم الصائِم أطيبُ عند الله من ريح المسْك، وتستغفرُ لهم الملائكةُ حَتى يُفطروا، ويُزَيِّنُ الله كلَّ يوم جَنتهُ ويقول: يُوْشِك عبادي الصالحون أن يُلْقُواْ عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتُصفَّد فيه مَرَدةُ الشياطين فلا يخلُصون إلى ما كانوا يخلُصون إليه في غيرهِ، ويُغْفَرُ لهم في آخر ليلة، قِيْلَ يا رسول الله أهِيَ ليلةُ القَدْرِ؟ قال : لاَ ولكنَّ العاملَ إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا قضى عَمَلَه».
وفي الصحيحينِ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قَالَ: «مَنْ صَامَ رمضان إيماناً واحْتساباً غُفِرَ لَهُ ما تقدَّم مِن ذنبه» . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «الصَّلواتُ الخَمْسُ والجمعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ مَا بينهُنَّ إذا اجْتُنِبت الْكَبَائر .
ان هي الا ايام قلائل .. حتى تمتلىء مرافق هذا المسجد وساحاته وقاعاته بالصائمين .. والقائمين .. والمتصدقين من رجال هذه الجالية ونسائها .. ولله الحمد والمنة والفضل .. فشهر الصيام في هذه الجالية له مذاقه الخاص وحلاوته وروحانيته .. حتى انني اعرف رجالا ونساءا من المشرق ممن يجعلون زيارتهم لاهليهم وارحامهم في هذه الجالية في شهر رمضان المبارك ليستمتع بالصيام والقيام وحضور الصلوات والجماعات في هذه المسجد المبارك .. أقول بوركتم ايها الجالية الكريمة على ما رأيناه منكم في شهر الصيام من كل سنة من حضور الجمع والجماعة .. والتراويح والقيام .. بوركتم على ما تنفقون وتبذلون في شهر رمضان من أموالكم ابتغاء مرضاة الله لسائر حاجات المسلمين والايتام والفقراء في مشارق الارض ومغاربها ..
فليكن اول ما نبدأ به شهرنا المبارك التوبة النصوح من كل ذنب صغير او كبير حتى يتقبل الله صيامنا وقيامنا وتلاوتنا وصدقاتنا ، فقد ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه , وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح .
علينا ايها الكرام التأكد من استصحاب النية وتجديدها حتى لا يكون الصيام عادة اعتدناها ولكن عبادة نبتغي بها الاجر من الله والثواب المترتب عليها ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيمانا ً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. قال الحافظ ابن حجر في \” فتح الباري\”: المراد بالإيمان: الاعتقاد بفرضية صومه. وبالاحتساب: طلب الثواب من الله تعالى. وقال الخطابي: احتسابا أي: عزيمة، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه.
علينا ايها المسلمون ان نحرص مع الصيام على القيام .. فكثير من الناس يكتفي بالصيام في شهر رمضان ويلزم بيته ويخلد الى الراحة والطعام والشراب معظم الليل وكأنه ابدل وقت طعامه من النهار الى الليل غير مباليا بقيام الليل في شهر رمضان المبارك وهو فرصة عظيمة وأجر كبير .. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه . متفق عليه ، فالاهتمام بالمحافظة على صلاة التراويح مع الامام حتى ينصرف من أفضل الاعمال ففي حديث ابي ذر ان النبي قال : من قام مع الامام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. رواه ابو داود . فهي نصيحة بالمحافظة على القيام مع الامام حتى ينصرف ولا يتهاون بان يصلي بعض الصلاة ثم يخرج من المسجد مستثقلا اتمام الصلاة فلا يحصل على الاجر المترتب على القيام مع الامام حتى ينصرف .
شهر رمضان ايها الكرام فرصة مباركة لصلة الرحم والاحسان الى الاقارب والحرص على تفطير الصائمين فعن زيد الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من فطر صائما كان له مثل أجر صومه غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء . رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وهو كذلك فرصة لتلمس أهل الحاجة والفقراء ويعطف عليهم ولاسيما الايتام فالرسول صلى الله عليه وسلم وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بالسبابة والتي تليها .
شهررمضان ايها المسلمون هو شهر القران والتلاوة ، فعلينا الاكثار من تلاوة القران الكريم وتدبره معانيه وتمعنه وترجمة توجيهاته الى واقع نعيشه ونحياه فننتفع بالقران ولا نكون – معاذ الله – من اولئل الذين يتلون القران والقران يلعنهم .. عن أبي أمامة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: “اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه” رَوَاهُ مُسلِمٌ. فلقد عرض جبريل القران على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة وفي السنة الاخيرة قبل موته عليه السلام مرتين فلذا كان السلف يختمون القران كل ثلاث ليال وفي العشر الاخيرة كل ليلة يا لها من همم عظيمة عرفت الدنيا والآخرة ففضلت الاخرة على الاولى قال تعالى (وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى) ..
علينا يا تجار الاخرة ان نحفظ جوارحنا وخصوصا في شهر رمضان عن الحرام وكل مكروه من الاقوال والافعال : فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه .
لعلنا أيها الابرار في هذا الشهر نعود انفسنا قلة الكلام .. وترك ما لا فائدة فيه منه وعدم الدخول في مناقشات لا ينبني عليها شيء من الخير .. فعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه.رواه أبو داود وحسنه الألباني . وأن نحرص على حسن الخلق والاحسان للخلق فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ان من أحبكم الي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا. رواه الترمذي وحسنه الالباني .
ينبغي لنا في هذا الشهر الكريم الاكثار من الدعاء لانفسنا ووالدينا وعيالنا وأرحامنا ومن علمنا وللمسلمين أجمعين لأنه شهر الدعاء ، والدعاء هو العبادة كما في الحديث ، والدعاء له فضل عظيم : قال تعالى :(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) وقال تعالى :(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون).
كان صلى الله عليه وسلم ايها المسلمون أجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان ، فالله الله في الصدقات والنفقات كما عودتم من انزل بكم حاجته من المنظمات والاغاثية والمراكز الاسلامية .. فشهر رمضان شهر الصدقات والنفقات .. ففي كل ليلة سيقدم لكم مشروع او منظمة او مسجد .. فمن اعطى بنية صالحة من كسب طيب اعطاه الله المزيد .
وأخيرا الاعتناء بالعشر الاواخر من رمضان بمزيد عبادة حيث فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، وكان من ديدن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يشد مئزره ويعتزل اهله ويحيي ليله كما قالت أم المؤمنين رضي الله عنها .ولنا برنامج طيب في ليلة القدر في مسجدنا كما هو معتاد.
بارك الله لنا ولكم في هذا الشهر العظيم وجعلنا من صوامه وقوامه وعتقائه .. كما أرجو من الجميع اعانتنا بالتقيد بالنظام وتعليمات القيام والانتفاع من برامج الصغار ذكورا واناثا في مركز الجالية .. والالتزام بالاعمار المعلنة من قبل ادارة المركز وشكر الله لكم سلفا رمضانا موفقا باذن الله وصوما مقبولا ان شاء الله .